--------------------------------------------------------------------------------
العلم والإنسانية ثنائي يقترنان معا - مقال بقلم الأستاذ نايف ياسين عبيدات
تاريخ النشر : 24 أيار 2008
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بوركت جهودكم وجزاكم الله خيرا على ما تقدموه من اخبار اربداوية قيمة تصلنا نحن المغتربين باربد العز والفخار جغرافيا وديموغرافيا ورجالات وكذلك ترايخا. ابعث اليكم هذه المقالة متمنيا نشرها وهي مقالة تندرج تحت مظلة الفكر والجهد التوعوي ما استطعت الى ذلك سبيلا....الاستاذ: نايف ياسين عبيدات - قطر
بادئ ذي بدء أجد أنه من الحكمة بمكان بل من الواجب علي أن ألفت نظر قارئي الكريم إلى أن هذه السطور ليست من باب المقارعة للخيال أو المشاكلة للفلسفة بل هي محاكاة لواقع نلمسه وقد لا نلمسه. وقراءة تحليلية غير محترفة لنفسية نشعر بها وقد لا نشعر، وخطوات اقتراب من محنة بني البشر.
إن نظرة عابرة وأذناً للسمع سارقة ستوحيان لصاحبيها وبما لا يعتريه أدنى شك، بأنه يحيا في ظل أزمة شخصها الكثيرون على أنها أزمة ذات طابع مادي صرف سبباً وعرضا ونتيجة. وظني أنه لو جعلنا تلك النظرة فاحصة ماحصة، والأذن مستمعة صاغية لأدركنا جميعاً أن أزمة العالم بأسره اليوم هي أزمة نفسية الأصل، وتكييفية الجذر، وعلمية الحدود، وأخلاقية الأبعاد. أكثر من كونها أزمة مادية الملمح والمعلم. ذلك أن إنسان هذا العصر يعيش صراع حضارة وثقافة، وثورة علم وتكنولوجيا واتصال، وتصادم قيم ومثل، وزحمة اختراعات واكتشافات، وكساح الحروب والشقاء.
واعتقادي أن العلم في بعضه قد تجاوز الإنسان وتخطى الطبيعة، ليسبر غورها اللامحدود، فعقلن بعض أربابه اللامعقول، ومنطقوا اللامنطقي، ولغوا المستحيل، وأهملوا الجغرافيا، وكسروا ما استهووه من الحدود والتخوم، وقزموا الخريطة العالمية، وأغفلوا الديموغرافيا، وتناسوا التاريخ، وصهروا ما شاءوا من الفوارق والفروق، مقللين بذلك طرفي معادلة الصراع ليصبح صراعاً بين الإنسان وإنسانيته. فهو من يبتكر ويخترع، ويبني ويهدم، ويعزز ويضعف، ويثور أو يخثر، ويجمع أو يبعثر، حتى صار إنساناً فصامياً يواكب ألف مكان ومكان وفي ظرف زمان واحد هو عمره الزمني المحدود – لحسن حظه -.
ولست أدعو بهذا الطرح إلى اتخاذ موقف عدائي أو حتى حيادي تجاه العلم قديمه أو حديثه، وشرقيه أو غربيه. بل مجرد لفت نظر إلى أن العلم بماديته منفرداً لا يمكن له أن يحقق السعادة للبشرية، إلا إذا اتخذ من الإنسانية بروحانيتها وأخلاقياتها وقيمها مراجع يحتكم إليها وأطراً يدور في فلكها، إذ لا نريد منه وأعني العلم في أرقى مراحله قنبلة ذرية أو سلاحاً نووياً أو مبيداً بشرياً، أو مستنسخاً آدمياً، فالعلم لا يقاس بعدد الاختراعات والاكتشافات أو بمساحات الدمار والخراب القياسية أو بثواني الإبادة والتصفية، ولكنه يقاس بمدى خدمته للبشرية، وتسهيله لمتطلبات الحياة وتكاليفها، وبتحقيقه للسعادة والرفاه، وللأمن والسلام العالميين العادلين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا، كما ويقاس العلم بمدى إسهامه في تخفيف قلق الإنسان من الحاضر الذي يعيش والمستقبل الذي ينتظر، أي بمدى تخفيفه من محنة بني البشر النفسية والفكرية والقيمية والاقتصادية والسياسية.
وأختم بأن آن الأوان للعالم بأسره أن يتيقن بأن العلم والإنسانية ثنائي يقترنان معاً بالحتمية والضرورة، فالعلم بمجرداته النظرية وتطبيقاته العملية، قد يفضي إلى ضرر أكبر من النفع ما لم تشذبه الإنسانية بروحانيتها وقيمها وعالميتها.
الأستاذ: نايف ياسين عبيدات- قطر - ماجستير أساليب تدريس الرياضيات
العلم والإنسانية ثنائي يقترنان معا - مقال بقلم الأستاذ نايف ياسين عبيدات
تاريخ النشر : 24 أيار 2008
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بوركت جهودكم وجزاكم الله خيرا على ما تقدموه من اخبار اربداوية قيمة تصلنا نحن المغتربين باربد العز والفخار جغرافيا وديموغرافيا ورجالات وكذلك ترايخا. ابعث اليكم هذه المقالة متمنيا نشرها وهي مقالة تندرج تحت مظلة الفكر والجهد التوعوي ما استطعت الى ذلك سبيلا....الاستاذ: نايف ياسين عبيدات - قطر
بادئ ذي بدء أجد أنه من الحكمة بمكان بل من الواجب علي أن ألفت نظر قارئي الكريم إلى أن هذه السطور ليست من باب المقارعة للخيال أو المشاكلة للفلسفة بل هي محاكاة لواقع نلمسه وقد لا نلمسه. وقراءة تحليلية غير محترفة لنفسية نشعر بها وقد لا نشعر، وخطوات اقتراب من محنة بني البشر.
إن نظرة عابرة وأذناً للسمع سارقة ستوحيان لصاحبيها وبما لا يعتريه أدنى شك، بأنه يحيا في ظل أزمة شخصها الكثيرون على أنها أزمة ذات طابع مادي صرف سبباً وعرضا ونتيجة. وظني أنه لو جعلنا تلك النظرة فاحصة ماحصة، والأذن مستمعة صاغية لأدركنا جميعاً أن أزمة العالم بأسره اليوم هي أزمة نفسية الأصل، وتكييفية الجذر، وعلمية الحدود، وأخلاقية الأبعاد. أكثر من كونها أزمة مادية الملمح والمعلم. ذلك أن إنسان هذا العصر يعيش صراع حضارة وثقافة، وثورة علم وتكنولوجيا واتصال، وتصادم قيم ومثل، وزحمة اختراعات واكتشافات، وكساح الحروب والشقاء.
واعتقادي أن العلم في بعضه قد تجاوز الإنسان وتخطى الطبيعة، ليسبر غورها اللامحدود، فعقلن بعض أربابه اللامعقول، ومنطقوا اللامنطقي، ولغوا المستحيل، وأهملوا الجغرافيا، وكسروا ما استهووه من الحدود والتخوم، وقزموا الخريطة العالمية، وأغفلوا الديموغرافيا، وتناسوا التاريخ، وصهروا ما شاءوا من الفوارق والفروق، مقللين بذلك طرفي معادلة الصراع ليصبح صراعاً بين الإنسان وإنسانيته. فهو من يبتكر ويخترع، ويبني ويهدم، ويعزز ويضعف، ويثور أو يخثر، ويجمع أو يبعثر، حتى صار إنساناً فصامياً يواكب ألف مكان ومكان وفي ظرف زمان واحد هو عمره الزمني المحدود – لحسن حظه -.
ولست أدعو بهذا الطرح إلى اتخاذ موقف عدائي أو حتى حيادي تجاه العلم قديمه أو حديثه، وشرقيه أو غربيه. بل مجرد لفت نظر إلى أن العلم بماديته منفرداً لا يمكن له أن يحقق السعادة للبشرية، إلا إذا اتخذ من الإنسانية بروحانيتها وأخلاقياتها وقيمها مراجع يحتكم إليها وأطراً يدور في فلكها، إذ لا نريد منه وأعني العلم في أرقى مراحله قنبلة ذرية أو سلاحاً نووياً أو مبيداً بشرياً، أو مستنسخاً آدمياً، فالعلم لا يقاس بعدد الاختراعات والاكتشافات أو بمساحات الدمار والخراب القياسية أو بثواني الإبادة والتصفية، ولكنه يقاس بمدى خدمته للبشرية، وتسهيله لمتطلبات الحياة وتكاليفها، وبتحقيقه للسعادة والرفاه، وللأمن والسلام العالميين العادلين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا، كما ويقاس العلم بمدى إسهامه في تخفيف قلق الإنسان من الحاضر الذي يعيش والمستقبل الذي ينتظر، أي بمدى تخفيفه من محنة بني البشر النفسية والفكرية والقيمية والاقتصادية والسياسية.
وأختم بأن آن الأوان للعالم بأسره أن يتيقن بأن العلم والإنسانية ثنائي يقترنان معاً بالحتمية والضرورة، فالعلم بمجرداته النظرية وتطبيقاته العملية، قد يفضي إلى ضرر أكبر من النفع ما لم تشذبه الإنسانية بروحانيتها وقيمها وعالميتها.
الأستاذ: نايف ياسين عبيدات- قطر - ماجستير أساليب تدريس الرياضيات