grade27

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الصف الثاني الإعدادي 7


2 مشترك

    رؤية نقدية

    avatar
    عبدالرحمن صالح


    رؤية نقدية Empty رؤية نقدية

    مُساهمة  عبدالرحمن صالح السبت أبريل 04, 2009 11:37 am

    العالم المقابلعندما يسعدنا الحظ ونشاهد فيلما للممثل الإنجليزى العبقري أنتوني هوبكنز، فعلينا أن نقف من داخلنا في حال انتباه كامل؛ لأن ناظر مدرسة الموهبة سيمر الآن، ويقدم لنا درسا عمليا جديدا كعادته فى إبداع فن الممثل، ولم يكن الفيلم الأمريكي "انكسار Fracture" 2007 من إخراج جريجورى هوبلت إلا بصمة جديدة، يبصمها هوبكنز بأصابع يديه العشرة وشعرات رأسه البيضاء على كل لقطة بلا ملل أو تعب.

    تعامل هوبلت بصفته سيناريست سينمائي متخصص في التشويق والجريمة مع قصة دانييل باين وسيناريو باين مع جلين جيرس بخبرة واستمتاع؛ لأن هذه هي منطقة تميزه وتفرده، فتركزت كل مهمته في هذا الفيلم على صنع لغز المتاهة في عالم ثم البحث عن حل شفرات هذه المتاهة في عالم آخر مقابل العالم الأول، الذي يقابلنا قائم على فعل الخيانة التي ترتكبها الزوجة الجميلة جنيفر "إمبيث ديفيدز" مع ملازم الشرطة والعشيق روبرت نوالي "بيلي بورك"، وفيما يبدو أنه يحبها بصدق لكنه لا يعرف من هي بناء على طلبها، لتوقعه جنيفر وتوقع نفسها في بدايات متاهة طويلة جدا، وتعطي لعدوهما نقطة الضعف والاختراق هدية بين يديه.

    ومن علامات بسيطة استقيناها من النهار الساطع الذي يجمع الحبيبين ورقة تصرفات الزوجة والإشارات الضعيفة نوعا ما المرسلة من العاشق، زرع المخرج إحساسا ما بالتعاطف مع العاشقين برغم إدانة فعل الخيانة اللاأخلاقي.

    العالم المقابل

    لكن عندما ندخل في العالم المقابل لفك شفرات المتاهة، سيتراجع المنظور الأخلاقي ويحل محله المنظور العاطفي النفسي بعيدا عن الإدانة الصماء للمبدأ ذاته كأساس لفعل الخيانة، ولكل تركيبات الشخصيات الدرامية التي سنقابلها، ففي مونتاج متواز لديفيد روزنبلوم شاهدنا بدايات تدبيرات الزوج المهندس المعماري الثري جدا الكهل تيد كروفورد "أنتوني هوبكنز"، التي انطلقت بمشاهدته خيانة زوجته جنيفر في غفلة من العاشقين، ثم تنفيذه الجزء الثاني من خطة الانتقام بقتله زوجته دون منحها أي فرصة للدفاع عن نفسها مهما كان.

    الظاهر أمامنا أن القاتل اعترف أمام الملازم روبرت الذي لم يعرف أن الضحية هي حبيبته، مع توفر أدلة وجود سلاح الجريمة ودافع القتل، بالتالي أعتقد ممثل الإدعاء الشاب المغرور ويلي بيتشم "ريان جوزلنج" أن القضية انتهت قبل أن تبدأ، لكنه لم يعرف أنه وقع في حفرة المتاهة التي بناها الزوج الماكر، ومطلوب من ويلي الآن بث الروح في العالم المقابل أي فك شفرات هذه المتاهة، ليدين الزوج الذي تولى الدفاع عن نفسه بنجاح وبالفعل أفلت بجريمته بذكاء شديد.

    هذه النوعية المعقدة من السيكودراما تحتاج إلى بناء غير تقليدي في التفاعل مع الحدث، بمنطق جمع الشذرات من هنا وهناك في محاولة لرأب صدع الانكسار الذي أصاب النفس البشرية بخلل حاد، هذا التمرد المقصود في منهج المخرج لا بد أن يمر عبر مراحل مختلفة من التشويق وإثارة الفضول، ويقوم أولا وأخيرا على إيهام المتلقي بالفصل التام بين طرفي الصراع خاصة في ظل وجود جريمة، ثم يعاود استغلال خيط رفيع يتركه عن عمد كجسر بين العالمين ليحيى الأمل من جديد في إمكانية ملء فراغات الضعف النفسي، وهكذا يظل المخرج يلف ويدور في رحلة مكوكية ما بين اليأس والرجاء حتى النهاية، وفي كل مرحلة يقدم فريق عمله فاصلا من العلامات الديناميكية التي تحمل الكثير من الدلالات المتدرجة، والإحالات المركبة التي ستكشف عن نفسها لطرف واحد على حساب الآخر.

    لهذا لم تقصد نقرات البيانو الهادئة التي وضعها المؤلفان الموسيقيان جيف دانا ومايكل دانا مثلا التمهيد لوقوع الجريمة أو مصاحبة مشاهد الحبيبين فقط، بل كانت تحمل إشارات أبعد لمدى الهدوء والبرود المسيطرين على الزوج أكثر من اللازم، حتى انقلبت الأمور داخله من جريمة شرف إلى الاستمتاع بالتخطيط للقتل في حد ذاته كنموذج لأوهام تحقيق الجريمة الكاملة.

    وما إن أعلنت الموسيقى عن جملها المنذرة بالخطر بصراحة أكثر، حتى راح المونتاج يؤكد علاماتها السمعية بالانتقال الحائر بين عالم كل شخصية مركبة بمنطق اللامنطق؛ أي أنه لا أحد يستطيع توقع تصرفات الزوج من فرط غموض شخصيته وذكائه الهائل، لهذا سار المونتاج رغما عنه تحت رحمة خطط الزوج ليصنع السياق الذي يمليه عليه تيدي وحده، طالما أن البطل المقابل المدعي العام ويلي ما زال يعاني من نقطة ضعفه الخطيرة المتمثلة في غروره الزائد عن الحد، لكن الآية انقلبت أخيرا لسببين، أولا تخلص ويلي من سجنه في كورنر رد الفعل السلبي المهزوم حتى مع رئيسته الجديدة نيكي "رزاموند بايك"، وبالتالي انتقل إلى براح الفعل الإيجابى الطموح، ثانيا ارتكاب الزوج تيدى نفس خطأ ويلي وأصيب بالغرور الشديد الذي يؤدي إلى الخطأ، لينحاز المونتاج لأول مرة إلى صف المدعى الشاب ويرتب للزوج القاتل مفاجآت قاتلة، يكتشفها بعد فوات الأوان وينهار بناء الجريمة الكاملة من أساسه.

    قدم مدير التصوير كرامر مورجنذاو دويتو قويا مع حوار الفيلم المركب، وفضحت الصورة الكثير من تلفيقات ونوايا الحوار باختراق أغوار اللحظة، لإعلان كيفية ونتيجة فرض شخصية طرف على حساب الآخر في هذه المباراة الذهنية العصيبة، سواء عبر اللقطات الكلوز بالتركيز على يد الزوج القاتل مثلا وهي تقود الموقف مثل عصا المايسترو المتمكن أم من خلال اللقطات البانورامية التي وظفت ديكورات نانسي ناي، عندما أحالت كل المساحات الواسعة في بيت الزوج بأسقفه العالية وجدرانه الزجاجية إلى سجن قاس لا محل له من الهروب أو الرحمة.

    لعبة متاهة غريبة يحتفظ بها الزوج في بيته باستمتاع مريض أوهمته أنه أذكى الأذكياء، لكنه لم يدرك أنه كان يفوز دائما لأنه فى الواقع كان يلاعب نفسه من البداية حتى وضع نهايته بيديه.
    avatar
    The Vague


    رؤية نقدية Empty رد: رؤية نقدية

    مُساهمة  The Vague الأحد أبريل 05, 2009 10:15 am

    مشكوووووووووووووور اخووووووووووووووووي

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 9:01 am