يتحدث الإمام محمد أبوزهرة فى كتابه " نظرية الحرب فى الإسلام " فيقول :
(يتحكم الباعث على القتال و هو دفع الاعتداء فى كل حركات القتال من ابتدائه إلى انتهائه ، فلا يبداأ القتال فى الإسلام إلا بعد تخيير المقاتلين بين أمور ثلاثة : الإسلام .. أو العهد .. أو الحرب .
و برغم أن الهجوم فى كثير من الأحيان قد يكون هو الطريق الوحيد لرد الاعتداء , و لكن الإسلام لا يريد أن يأخذ مخالفيه على غرة , أو يفاجئهم بالهجوم , إنما هو يعلنهم قبل الهجوم عليهم , و إعلانه دليل على أنه لا يقصد من القتال أن يستولى على أرض أو يحكم الرقاب أو يتحكم فى مصائر العباد , بل يريد أن يأمن جانبهم .
و قد سار المسلمون على ذلك المنهاج فى فتوحهم ، و صار تنبيه العدو إلى الهجوم الوشيك تقليداً مرعياً .. و قد نسى بعض القواد , أو تجاهل , عملية التخيير فهجم من غير تخيير , و من هؤلاء قتيبة بن مسلم الباهلى الذى فتح ما وراء النهر و انساب فى الأرض حتى أوشك أن يصل إلى الصين , و حدث و هو يغزو سمرقند و يقاتل أهلها أن دخلها بغير تخيير و تحرك الناس و شكوا إلى الخليفة الذى كان وقتئذ عمر بن عبد العزيز .
و استمه الخليفى إلى شكواهم و أرسل إلى واليه يقول له : إن أهل سمرقند قد شكوا ظلماً و تحاملاً من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم , فإذا أتاك كتابى فأجلس إليهم القاضى لينظر فى أمرهم , فإذا حكم لهم فأخرج العرب إلى معسكرهم قبل أن يظهر عليهم قتيبة .
فأجلس الوالى لهم القاضى فحكم أن ينسحب العرب إلى معسكرهم فخرجوا طائعين.
و يعلق الشيخ محمد أبو زهرة على هذا فيقول : أى مثل للعدالة أروع من هذا المثل , و أى محارب يعامل محاربيه هذه المعامله ؟ هل رأى التاريخ الإنسانى أن منتصراً يتخلى عن الأرض من غير قوة تخرجه , بل يخرج استجابة لدواعى العدالة التى حكم بها القاضى , فيتخلى عن الأرض التى فتحها و قتل فيها من قتل , ثم يعرض عليهم من جديد التخيير , إما الإسلام و إما العهد و إما الحرب .
و بعد أن شاهد أهل سمرقند صورة لعدل الإسلام دخلوا فيه أفواجاً وراء أفواج. )
(يتحكم الباعث على القتال و هو دفع الاعتداء فى كل حركات القتال من ابتدائه إلى انتهائه ، فلا يبداأ القتال فى الإسلام إلا بعد تخيير المقاتلين بين أمور ثلاثة : الإسلام .. أو العهد .. أو الحرب .
و برغم أن الهجوم فى كثير من الأحيان قد يكون هو الطريق الوحيد لرد الاعتداء , و لكن الإسلام لا يريد أن يأخذ مخالفيه على غرة , أو يفاجئهم بالهجوم , إنما هو يعلنهم قبل الهجوم عليهم , و إعلانه دليل على أنه لا يقصد من القتال أن يستولى على أرض أو يحكم الرقاب أو يتحكم فى مصائر العباد , بل يريد أن يأمن جانبهم .
و قد سار المسلمون على ذلك المنهاج فى فتوحهم ، و صار تنبيه العدو إلى الهجوم الوشيك تقليداً مرعياً .. و قد نسى بعض القواد , أو تجاهل , عملية التخيير فهجم من غير تخيير , و من هؤلاء قتيبة بن مسلم الباهلى الذى فتح ما وراء النهر و انساب فى الأرض حتى أوشك أن يصل إلى الصين , و حدث و هو يغزو سمرقند و يقاتل أهلها أن دخلها بغير تخيير و تحرك الناس و شكوا إلى الخليفة الذى كان وقتئذ عمر بن عبد العزيز .
و استمه الخليفى إلى شكواهم و أرسل إلى واليه يقول له : إن أهل سمرقند قد شكوا ظلماً و تحاملاً من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم , فإذا أتاك كتابى فأجلس إليهم القاضى لينظر فى أمرهم , فإذا حكم لهم فأخرج العرب إلى معسكرهم قبل أن يظهر عليهم قتيبة .
فأجلس الوالى لهم القاضى فحكم أن ينسحب العرب إلى معسكرهم فخرجوا طائعين.
و يعلق الشيخ محمد أبو زهرة على هذا فيقول : أى مثل للعدالة أروع من هذا المثل , و أى محارب يعامل محاربيه هذه المعامله ؟ هل رأى التاريخ الإنسانى أن منتصراً يتخلى عن الأرض من غير قوة تخرجه , بل يخرج استجابة لدواعى العدالة التى حكم بها القاضى , فيتخلى عن الأرض التى فتحها و قتل فيها من قتل , ثم يعرض عليهم من جديد التخيير , إما الإسلام و إما العهد و إما الحرب .
و بعد أن شاهد أهل سمرقند صورة لعدل الإسلام دخلوا فيه أفواجاً وراء أفواج. )